الأربعاء، ٢٢ يونيو ٢٠١١

المبادئ فوق دستورية والضامن لها

بقلم / محمد أنيس


   عندما  نعود بالذكريات إلى لحظة هى الأجمل والأقوى تأثيراً فى حياتى وحياة ملايين المصريين ، حين أعلن نائب الرئيس المخلوع تخلى رئيسه عن السلطة وإيكال مهمة إدارة شئون البلاد إلى المجلس الإعلى للقوات المسلحة ، وما صاحب ذلك من فرحة عارمة  لم تشهد لها مصر مثيلا  من قبل .

وبعد زوال هذه الحالة وبداية محاولة إيجاد إجابة لسؤال "ماذا بعد ؟" نجد أنه لا يوجد فى دستور 71 -والذى كان يستمد منه النظام السابق شرعيته الدستورية- ما يسمى بالتخلى عن السلطة أو أي مهمة دستورية للمجلس  الأعلى للقوات المسلحة، حيث أنه  لم  يكن مقبول على الطلاق السير على الخطوات الدستورية المنصوص عليها من خلال إيكال السلطة إلى رئيس مجلس الشعب ، والذى هو بشخصه ومنصبه يمثل أحد الاعمدة الرئيسية لنظام حكم سقطت شرعيته ،
فإن الخطوة التى أقدم عليها نائب الرئيس ما هى إلا إعلان عن سقوط دستور 71 بصورة رسمية ، وهذا ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن الأقدام على تعديل الدستور الساقط بالفعل خطأ كبير ، وكان من الأفضل والأجدى أن نقوم مباشرة بحوار وطنى حقيقى توافقى من أجل وضع دستور جديد للبلاد ، يلبى طموحات أجيال جديدة من الشعب المصرى ثارت على نظامها الحاكم بالأمن والفساد والإسراع بالإجراءات المعروفة عالميا ، من أجل إقرار هذا الدستور التوافقى ما بين كافة أطياف الشعب المصرى ، والمقدس لقيم مدنية الدولة ومبدأ المواطنة ، والضامن للتوازن المطلوب ما بين سلطات الدولة الثلاث وآليات تداول السلطة بطريقة ديموقراطية سلمية .

بما أن هذا لم يحدث وأصبحنا أمام مأزق قانونى وتشريعى يتمثل فى موافقة أغلبية المشاركين فى الإستفتاء على أولوية الإتخابات البرلمانية أولاً قبل إقرار الدستور ، وبما إن الإنتخابات البرلمانية تنافسية ، وما يمكن أن ينتج عنها من سيطرة تيار ما داخل المجتمع المصرى على نتيجة الإنتخابات وهذا أمر محبز فى العملية الانتخابية لتيسير بناء حكومة راسخة الأركان ، لكنه يتنافى مع طبيعة الدستور التوافقية بالإضافة إلى إحتمالية غياب ممثلين للعديد من التيار المجتمعية من خلال العملية الانتخابية.

لذا أعتقد إنه للخروج من هذة الورطة يجب إقرار مبادئ فوق دستورية قبل الإنتخابات تستمد شرعيتها أيضا من الشعب من خلال إستفتاء ، وتتضمن المبادئ الأساسية المتوافق عليها من كل طوائف المجتمع المصرى ، والمتمثلة فى مدنية الدولة ومبدأ المواطنة وآليات تداول السلطة بطريقة ديموقراطية سلمية ، وتكون المادة الثانية من الدستور الضامنة لهوية الوطن الدينية واللغوية من ضمن هذه المواد ، بحيث تكون هذة المواد الإطار الموضوع للبرلمان القادم لوضع الدستور الجديد دون إمكانية المساس بها ، وتكون سلطاتنا القضائية من خلال المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة هما الضامنان لدوام إعلاء هذة المبادئ فى كافة الشئون السياسية والقانونية والتشريعية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق