السبت، ١٨ يونيو ٢٠١١

لماذا العدل

بقلم / أحمد الششتاوي
حزب العدل الإسكندرية

قبل الثورة بحوالي ستة أشهر تقريبا رزقني الله بطفلي الأول عمر, و هو أول من جعلني والدا و ألقي علي كاهلي مسئوليته. و لا يخفي علي احدكم الظلم الذي كان يسود البلاد, و قد شكلت حادثة خالد سعيد هذا الشاب السكندري الوديع الملامح هاجسا دائما لكل من الشباب أنهم قد يكونوا مكانه الذي لم يردع قاتليه قانون أو دين و كأن دماء و عرض المصريين مباحة لهم يصيبوا منها ما شاءوا
و رغم تجربة الغربة المريرة إلا أني لم أجد في هذا الوطن الأمن و الأمان الذي يتحدثون عنه بل أني وربما لسعة خيالي رأيت أن الحصول علي أي جنسية في العالم غير المصرية كفيلة أن اشعر بالأمان في هذا الوطن فمن كان ظهره المصريين فلا ظهر له. و قد اتسع خيالي للسعي لنيل شرف أي جنسية أخري فقط لكي أعيش في بلدي بكرامة فحتما سأسجل علي موبايلي رقم هذا السفير الذي لن أجده مغلقا قرب أذان الفجر حينما يتم اعتقالي لأتفه الأسباب في مصرنا الحبيبة و ابني إن حصل علي جنسية غربية و تقدم لأحد الوظائف هناك و تم رفضه لاسمه أو لونه أو دينه فحتما سيجد الوسائل التي تعيد إليه حقه, لكنه في بلدي ممنوع من دخول كليات الشرطة و الحربية أو أن يكون قاضيا أو أن يعمل في شركة محترمة أو يتم تقديره علي أساس الكفاءة بدون هذه القاعدة الغبية التي تقول انه "ليس مهما ما تعرف و لكن المهم من تعرف".
و بالفعل بدأت بالاستعداد للسفر لتأمين حياة ليست بالضرورة كريمة لكنها حتما لن تكون ظالمة
ولأني كنت كثير الانتقاد للبلاد و العباد فقد رأيت في الدعوة إلي مظاهرة 25 يناير فرصة لكي لا أكون من هؤلاء المتذمرين فقط, بل هي وسيلة قد احدث ابني عنها حينما يكبر و يسألني لماذا لم تدافع عن هذا الوطن الذي هجرته و تتحدث عنه كأنه معشوق ليل نهار
كنت كلما نظرت في عيني ابني عمر يضحك و هو حديث العهد بالضحك - يعني مكنش بيضحك أو بيعرفني قبل كده - و لمن لا يعرف عمر ابني أحب أن أقول له أن ابتسامته كفيلة أن تنسيك كل همومك و مشاكلك و تفقد الإحساس بذراعيك و تشعر أن مكانهما جناحين تحلق بهما إلي السماء, فهو كالأطفال اللي بتشوفهم في التلفزيون ناعم الشعر ابيض الوجه تحبه من أول نظرة لسبب لا اعرفه خاصة انه سيبتسم لك دون أن تكون مألوفا لديه أو رآك من قبل, لكن الغريب في هذا اليوم أنني نظرت في وجه و كنت اشعر أنها ربما تكون الأخيرة لكنه لم يضحك, قلت ربما وجهي كان عابسا أو أن توتري زائد عن الحد فحاولت ملاعبته لكنه أيضا لم يضحك, لم يثنيني هذا عما عزمت عليه لكنه بالطبع اثر في و أشعرني بالقلق أكثر و كانت صورته و هو يتتبعني بعينيه حتى خرجت من الشقة هي الشئ الوحيد الذي كنت اذكره في طول الطريق إلي ما نويت الإقدام عليه و قبل أن أضع الكاب علي راسي و النظارة السوداء لأخفي ملامح وجهي
بعد صلاة الظهر يوم 25 يناير نزلت علي المنشية بالإسكندرية و وجدت عربات الأمن المركزي فاستبشرت خيرا غير أني لم أجد متظاهرين, بحثت هنا و هناك و بدأ الشك يدب في نفسي أن المظاهرة قد وئدت في مهدها و أن علي العودة من حيث أتيت, لكن كانت البشري من شارع صلاح سالم بعد مبشر جدا من طليعة شباب الثورة الذين جلست أطوف معهم حتى العاشرة و النصف من مساء ذلك اليوم و تعرضت للضرب "اللذيذ" من جنود الأمن المركزي و قابلت زملاء من الجامعة و بعض أبنائي من الطلبة و حتى اصدقائي, و أعتقد أن شعوري وقتها كما شعور مسلمي مكة الأوائل حينما كانوا مستضعفين و يجدون من هو علي دينهم في الخفاء فيقول احدهم للأخر أصبأت و تركت دين آباءك؟ ويعانقه علي الانضمام لهذا الدين.
لم أتردد أن أكون بين هؤلاء المدافعين عن حقهم في الحياة كما لم أتردد في أن أتشرف أن أكون بين صفوف هذا الحزب, فقد وقفنا و هتفنا حينما تطلب الأمر ذلك و الآن جاء الوقت للعمل السياسي من اجل تغيير وجه مصر للأفضل بعد أن تتحقق أمال المصريين التي لا أجد لها عنوانا جامعا سوي العدل
و قد اخترت العدل تحديدا لأن فيه صفوة من شباب مصر الذين لم أتشرف بمعرفتهم شخصيا لكني و قبل الثورة كنت أري فيهم أملا و نجاة, فهم يمدون يديهم للجميع دون إقصاء لأحد فالوفد كان أملا في وقت من الأوقات لأنه قد كان الحزب الوحيد الذي ربما أعطي له صوتي في ظل الدستور المعيب الذي قصر الترشح علي أربعة إفراد و الإخوان كانوا الفصيل الذي تمني كل وطني مخلص أن ينالوا الكتلة الحرجة المعطلة للقوانين في انتخابات مجلس الشعب 2005 وقت أن كانت مصر أسيرة لدي العصابة المخلوعة و البرادعي كان الحجر الذي القي في بركة السياسية المصرية بعد أن بدأ العفن يدب فيها و غيرهم مما يضيق المجال بذكره فكلهم شرفاء و كلهم وطنيون فلا إقصاء لأحد و مصادرة لرأي احد و هذا كان من أحد الأسباب التي جعلتني انضم لهذا الحزب المنفتح علي الجميع و المستعد للتعاون مع الجميع
تحية لشهداء الثورة و لشباب الثورة و لشباب العدل أبناء هذه الثورة

0 التعليقات:

إرسال تعليق