الأربعاء، ٢٧ يوليو ٢٠١١

حزب العدل.. ومضات فى الطريق

بقلم / مصطفى النجار 

   فى يوم الأحد 26 يونيو 2011 اعلنت لجنة الاحزاب موافقتها الرسمية على تأسيس حزب العدل ليكون أول حزب شبابى يخرج من رحم الثورة ، ولكن لم تكن البداية فى هذا اليوم بل كانت قبل ذلك ، حين صمم شباب مصرى مخلص على أن يغير وجه السياسة فى مصر ويرفض كل الكلاسيكيات ويكسر كل التابوهات ويتحدى كل المعوقات ليقدم تجربة جديدة للعمل السياسى فى مصر
صمم هؤلاء الشباب على أن يقتربوا من الناس ويعرفوا همومهم ويتفاعلون معها، لأنهم يؤمنون بقيمة الإنسان وأنه محور النهضة ، لذا كان الشارع مكانهم المحبب لأنهم يجدون فيه أحلامهم لهذا الوطن ويستطيعون ان يجعلونها واقعا لا خيال

وفى فترة وجيزة فرض شباب العدل وجودهم على الجميع ، بعطاءهم وبذلهم ووعيهم ووسطيتهم التى تعبر عن القطاع الأكبر من المصريين ، التزموا بثوريتهم ونضالهم من اجل استكمال مطالب الثورة وفى نفس الوقت انطلقوا فى مسار البناء والاقتراب من هموم الناس ومعايشتهم ، انطلقت قوافلهم الطبية لتعالج ألاف المصريين الذين يعانون من نقص الخدمات الطبية ، أقاموا أسواقا بأسعار مخفضة ليستطيع الفقراء مواجهة شدة الغلاء وارتفاع الأسعار ، خططوا لمشاريع تنموية تعنى بتطوير العشوائيات واعادة الحياة الأدمية لها وتفاعل معهم الكثيرون لما رأوه من جهد منهجى ورؤية واضحة

انطلقت جولاتهم فى شوارع مصر وقراها لا لتروج لحزبهم ، ولكن لتسمع صوت المصريين وتشاركهم همومهم واحلامهم لهذا الوطن ، يراهم الناس فى النوادى الراقية كما يرونهم فى أفقر مناطق مصر ، يراهم الناس على شاشات الفضائيات وكذلك يرونهم بينهم فى الشارع يعملون ما يقولون  ويدعون بما يؤمنون به من قيم وأفكار ومبادىء
ما زال الكثيرون يستغربون من هذا الحزب ويسألون عن رأسه ، ولكنهم وجدوا أن كل عضو فى هذا الحزب هو رأسه ورسوله وحامل مبادئه ومتحدث باسمه بالفعل لا بالكلام

أنجز الحزب على المستوى السياسى الكثير فقد أصبح أحد الأحزاب الرئيسية والهامة فى المشهد السياسى بعد الثورة واتسمت ارائه ومواقفه بالاعتدال والتوسط الذى يجمع عليه جميع المحللون السياسيون والمتابعين لمسيرة الحزب ، لم يندفع الحزب لاتخاذ مواقف راديكالية بلا تعقل ، ولم يتأخر يوما عن الاقدام فى الوقت الذى يحتاج التقدم ورفع حدة الصوت وصرامة الموقف ، لم يتغير خط الحزب منذ انطلاقه ، بل مضت مواقفه فى خط مستقيم لم يتغير بمزايدات البعض ولم يتأثر بما يصنعه البعض من فرقعات غير منطقية ومكاسب لحظية ، ولذلك يترسخ كل يوم عند المصريين معنى الوسطية التى يتبناها حزب العدل فى رؤيته ومنهجه

لم يحظ أى حزب بهذا الكم الهائل من الشائعات ومحاولات تشويه الصورة ، ولكن أفادنا هؤلاء وروجوا لنا أكثر وأكثر ، حين انشغلوا بالهدم وانشغلنا نحن بالبناء ، قتقدمنا وتراجعوا ، وتوحدنا وتفرقوا ، واكتسبنا مصداقية أكبر وتهاوت مصداقيتهم بين الناس

انجز الحزب على المستوى التنظيمى الكثير والكثير ، بدءا من تشكيل مكاتب للحزب فى أغلب محافظات مصر ، و تشكيل اللجان النوعية والمكاتب المتخصصة المركزية على مستوى الحزب مثل التدريب والتثقيف والتنمية المجتمعية والاعلام والعلاقات العامة وغيرها ثم انتقل الحزب الى تشكيل لجنة عليا مؤقتة يمثل فيها ممثلى المحافظات وممثلى اللجان النوعية والمكاتب المتخصصة لينتقل الحزب الى مرحلة الشراكة الكاملة فى اتخاذ القرار خلال الفترة المؤقتة التى ستنتهى بعد عدة شهور قليلة ليقدم الحزب نموذجا رائعا للديموقراطية الداخلية عبر عمل انتخابات على جميع مستويات الحزب بلا استثناء ستتم بعد ان يكتمل تأسيس الحزب ويبرز خلال الفترة المؤقتة أصحاب العطاء والمتميزين الذين يستطيع الاعضاء اختيارهم ليقودوا الحزب فى السنوات القادمة


دارت ماكينة العمل داخل الحزب ، واختلفت وجهات النظر كطبيعة أى عمل جماعى ، ولكن ساد الاحترام فى الاختلاف ، الذى لم يكن الا بحثا عن المصلحة العامة وأملا فى الأداء الأفضل ، كل من انصهر داخل بوتقة العمل الجماعى شعر بهذه المتعة الحقيقية وأصبح يشعر بقيمة جهده وعطاءه ، وهو يراه بسمات رائعة  ودعوات مخلصة من قلوب الناس ، تركنا النضال الالكترونى لأرباب الكلام وذهبنا الى ساحات الاختبار الحقيقى و محكات التمايز بين من يريد العمل ومن يريد التنظيرو المزايدة ، مثل الشجرة الطيبة التى تنفض عنها أوراقها اليابسة لتتجدد الروح ويعلوا الأمل بموجات لا تتوقف من الزهور اليانعة التى تتفتح كل يوم فى حزب العدل وتلحق بقطار البناء الذى غادر محطته ولن يتوقف

امتلك الجميع القدرة الدائمة على المصارحة والمكاشفة والاعتراف بالخطأ ان وجد ، ولذلك ستدمع عينك حين ترى جو الحب والود والارتباط النفسى والعاطفى الذى صار يربط بين شباب حزب العدل الذين عملوا معا وسهروا واجتهدوا وتحملوا الصعاب من أجل نجاح المشروع وكلهم ينكرون ذواتهم

سيتساقط عن دربنا كل أصحاب المصالح الشخصية والأهواء النفعية وكل من لم يفهم رسالتنا وكل متعجل لم يتعمق بداخله مفهوم الوسطية وتراكم العطاء ، سيتساقط عن دربنا اهل الكلام والجدال ، وسيبقى أهل البذل والأفعال  ،وسيثبت أصحاب الطاقات النفسية العالية التى تعرف ان الطريق طويل ويحتاج للتدرج والثبات النفسى بينما سيسقط كل من يعانى من المراهقة النفسية والرعونة العاطفية

صدرنا واسع لمن ينتقدنا لنحسن أداءنا ونقوم مسارنا ، لن يرفض أى عضو بحزب العدل أن يراجعه أى انسان ويشير عليه بما هو أصلح ، سنشكر من ينصحنا وسنرحب بمن ينتقدنا قبل من يمدحنا ، سنمتلك الشجاعة الكافية لتصحيح الأخطاء ان وجدت وسنسمع للجميع ، وسيتأكد للناس – يوما بعد يوم – كم هى راسخة أخلاقنا وكم هى متأصلة سماحتنا

لا ندعى الكمال ولكننا ندرك أننا جنين خرج لتوه للحياة وسيحبوا ويقف ويقع ويقف ليواصل السير ويتعلم كيف يعيش ، لذا فلن نجلد الذات ولن نستعجل الخطوات ، وسيترسخ بناؤنا مع كل خطوة من خطانا وستنضج رؤيتنا مع كل تجربة فعلية نمارسها على الأرض
نعد المصريين بما هو أفضل ، نستعد لمعركة الانتخابات القادمة التى سنفاجىء فيها الجميع بكوادرنا ورموزنا الشابة والواعدة والتى ستخوض الانتخابات بروح مختلفة وبأساليب مبتكرة تعكس ثقافة جيلنا الثورية

بابنا مفتوح للجميع ، لا نريد عضويات ورقية ، بل نريد عضويات فاعلة ومنتجة ، لا مكان بيننا لمتكاسل ، ميدان العمل هو الفيصل والتجربة خير برهان ، عندنا من اليقين ما يكفى لنقول أن مستقبل مصر القادم هو الأفضل بنا وبكل المخلصين غيرنا ...العدل هو الأمل

0 التعليقات:

إرسال تعليق