السبت، ٣ ديسمبر ٢٠١١

عن نتائج الانتخابات واكتساح الاسلاميين

بقلم دينا خطاب


منذ أن بدأت تظهر مؤشرات نتائج الانتخابات بعد انتهاء المرحلة الأولى والتى أظهرت تقدم واضح وساحق للتيارات الاسلامية (اخوان وسلفيين) حتى بدأت الحملات الاعلامية من برامج توك شو على جميع القنوات التلفزيونية وحتى البرامج الاذاعية ولا حديث لها سوى عن الاسلاميين الذين سيتولون مسؤلية الحكم وسيغيروا شكل المجتمع الى مجتمع قمعى متخلف يعود بنا الى العصور البائدة .. هيلبسوا السيدات خيم ويخلوا الرجالة يربوا دقونهم .. هيمنعوا المحجبات من النزول الى الشارع - هيغطوا التماثيل - هيمنعوا الاختلاط - الخ .. كل برنامج منهم يستضيف أحد المسؤلين بحزب الحرية والعدالة أو جماعة الاخوان المسلمين ويكون كل هم هذا البرنامج الممتد لمدة ساعتين أو أكثر هو توجيه سيل من الأسئلة الممجوجة والسخيفة من نوعية هتتعاملوا ازاى مع الفن والسياحة والفنادق وتقديم الخمر والبكينى ؟!! طيب هتغطوا التماثيل؟!!


الى هؤلاء وغيرهم احب توجيه بعض الرسائل

لا ألوم عليكم ذلك لأن هذه الممارسات من الاعلام المصرى بنوعيه العام والخاص ليست بالجديدة ولا تزال تدل على ان اعلامنا المفترض به توجيه وتثقيف الناس هو اعلام مشوه متخلف عقلياً أكثر ما يمكن أن يطلق عليه هو انه وسيلة لتغييب العقول وتسطيحها والقائمة تطول من كذب وافتراءات وتضليل .. هذه الآداة الاعلامية الحقيرة اللى لم تتمخض قريحتها عن اى موضوع تستطيع أن تستغل فيه وقتها الثمين ووقت الناس فى البيوت سوى أن تتحدث فى مكلمة فارغة عن العديد من التفاهات والتى لا هذف لها سوى أن تزيد شعور الرعب والخوف عند الناس من سيطرة الاسلاميين وأن تتسبب فى انقسام حاد جداً فى المجتمع بين الذين لا ينتمون لهذا التيار وبين من ينتمون له ومن جهة أخرى تتسبب فى زيادة حالة الشحن بين الجهتين فلا أحد منهم الآن وأكاد أجزم لديه علم صحيح وحقيقى بالصورة الحقيقية للآخر ...


من ينتمون للتيار الاسلامى يتصورون أن من دونهم ينظرون اليهم بنظرة التخلف والرجعية ولأنهم بالطبع مؤمنون أنهم ليسوا كذلك فأصبح التصور الموجود لديهم هو أن عليهم دوراً عظيماً يتلخص فى انقاذ البشرية عن طريق اعلاء كلمة الاسلام الحقيقى فى الأرض لأنهم هم الوحيدون الذين يملكون الحق ويعرفونه، أصبحوا ينظرون لمن دونهم على أنهم أعداء للاسلام يهابون من يريد ارساء قواعده الحقة فى الأرض ويخشون من سيطرة الاسلام والمنتمين له على الحكم مما يؤدى فى النهاية الى زيادة حالة الاستعلاء والاستقواء لديهم


وعلى الجانب الآخر من لا ينتمون للتيار الاسلامى يتصورون ان هؤلاء الاسلاميين هم البعبع الذى سوف يأتى ليمحو كل مظاهر الحياة التى تعودوا على ممارستها ويتسلل اليهم أيضا من الجانب الآخر نفس نظرة الاستعلاء والاستقواء فيواجهونها بالطبع بمنهج الرفض والانكار المباشر


كان الأولى بالقائمين على هذه الآداة الاعلامية أن يوفروا وقتهم ومجهودهم فى أشياء أنفع وأعم ...

فليسألوهم مثلاً عن برامجهم الحقيقية والآليات التى سوف ينون تبنيها فى اصلاح البلاد.. ليسألوهم عن برامجهم المفصلة فى اعادة الأمن للشوارع .. ليسألوهم عن كيف يكون ذلك عن طريق منع التحرش بالفتيات أمام المدارس ( أحد النقاط التى ذكرت فى برنامج الحرية والعدالة التى تم توزيعه علينا فى طابور الانتخاب فى دائرة السلام والمرج وعين شمس و المطرية) - مفيش داعى نخوض فى سيرة انها اصلاً كانت مخالفة انتخابية بس ما علينا -


ليسألوهم عن برامجهم فى اصلاح منظومة التعليم.. هل ستكون أيضاً عن طريق عمل مسابقات دورية فى المدارس لاختيار المعلم والطالب المثالى وتكريمه على مستوى المدارس والقطاعات التعليمية !! ( نفس ما ذكر فى الفلاير ..)

وماذا عن قطاع الصحة والاقتصاد والثقافة .. ليسألوهم كيف سيكون ذلك عن طريق توفير وظائف عمل مثل أكشاك بيع الحلوى والسجائر لأبناء الدائرة !!! وكيف سيكون ذلك عن طريق فتح مستوصفات علاجية منتشرة بالمنطقة !!!( نفس الفلاير برضه)


ليسألوهم كيف يكون برنامج انتخابى لعضو مجلس الشعب لا يختلف بل قد يكون فى مستوى أدنى من برنامج المرشح على انتخابات المحليات وكيف لم يعى المرشح البرلمانى حتى هذه اللحظة ان دوره الحقيقى من تشريع ورقابة وموازنة ومحاسبة للجهات التنفيذية فى البلد يختلف عن دور نائب الخدمات الذى يسعى لتوفير بضع كيلوهات من اللحم والسكر والزيت وأنابيب البوتاجاز لغير القادرين عليها وهل كل هذه الآليات سوف تؤدى الى اصلاح منظومة التعليم والصحة والاقتصاد والأمن فى البلاد...


ليسألوهم كيف يدعون أنهم أصحاب كلمة الحق وأنهم يتحدثون بمرجعيات اسلامية تتخذ من مبادىء الدين الاسلامى شريعة ومنهجاً ثم يأتون على العديد من المخالفات الانتخابية من دعاية فى يوم الانتخابات واستغلال سياسى لأصوات البسطاء الغير متعلمين بشكل فج والتأثير عليهم بدعوى حماية الدين فى الأرض والحفاظ على الاسلام من الاندثار..


ليسألوهم كيف يوصل أصحاب الدين رسالتهم من خلال ازدراء الآخرين وتوجيه تهم الكفر والعلمانية واللادينية اليهم ... أثناء وقوفى فى الطابور مر على الكثير ممن يروجون لتيار الحرية والعدالة وتيار السلف بأوراق الدعاية الممنوعة أصلاً واحدة منهم جت عندى وطبعاً لأنها متعرفش لأى تيار أنتمى أخدت تكلمنى عن ضرورة أن انتخب مرشحى الحزب الشيخ فلان والشيخ فلان وتعرفنى برموزهم الانتخابية .. قلتلها انتى ليه متصورة انى جاية ومش عارفه أنا هاختار مين؟ قالتلى" طب هتختارى مين؟ قلتلها مش من حقك تسألينى طبعاً.. قالتلى طيب بس اقرى البرنامج يمكن تقتنعى .. قلتلها ما انا لو لسه مستنية لحظة انى ابقى قدام باب اللجنة عشان لسه اختار واقتنع يبقى انا باهرج أصلاً .. وبعدين سألتها قوليلى ايه اللى يخلينى اختار المرشحين بتوعكم؟ قالتلى: عشان تحافظى على دينك !!!!!!!


أول مرة افاجا بأنى أصبحت مهددة فى دينى !!! من امتى أصبح اختيارى لنائب برلمانى هيمثلنى فى مجلس الشعب اللى هوا اختيار مبنى كلياً وجزئياً على برامج سياسية أصبح هو السبيل أنى احافظ على دينى من الفتنة أو انى احمى وجود الاسلام فى البلد ؟!!!الى هؤلاء أقول لو كانت هذه هى طريقتكم فى الترغيب فى الدين والتعبير عن سلوكياته فأنا والدين منكم براء


والى الاعلاميين أقول لا تضيعوا وقتكم فى أسئلة سخيفة لا طائل منها لأن كل مشاكلنا وهمومنا من السخيف جداً أن يتم اختزالها فى تغطية تمثال ولبس الجلباب فببساطة حتى لو كانت هذه التخوفات حقيقية فسواجه من يحاول أن يفرض على المصريين أى أسلوب فى الحياة أو الملبس بالرفض الصريح من هؤلاء المصريين البسطاء الذين اعتادوا على مظاهر معينة لحياتهم ولن يقبلوا بأى شكل لأى أحد بالتدخل فيها...


أما عن رسالتى للاسلامين الذين نجحوا فى الوصول لأغلبية البرلمان هى عليكم أن تستعدوا للمعركة القادمة الحقيقية التى وضعتهم أنفسكم أمامها وحاربتم بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة للوصول اليها ...


معركة مواجهة المجلس العسكرى عندما تكتشفون أنكم مجلس بلا صلاحيات وأن المجلس العسكرى سيظل هو الحاكم الآمر الناهى وأنه سيظل يتدخل فى جميع الأمور بدأ من الحكومة وحتى تشكيل الدستور ... استعدوا جيداً لهذه المعركة وأتمنى أن أرى منكم أسلوباً فعالاً ومختلفاً فى مواجهتها غير أن تحشدوا حشودكم فى ميدان التحرير لتتنددوا هذه المرة بممارسات العسكر بدلاً من محاولة التأكيد على هوية البلاد الاسلامية التى هى أصلاً بالفعل كذلك .. وكأن المعركة التى ضحى من أجلها الآلاف بأرواحهم منذ 25 يناير وحتى هذه اللحظة والتى ستستمر بعد ذلك أيضاّ كانت من أجل الصراع على هوية مصر هل هى اسلامية أم مسيحية أم يهودية !!!


أدعوكم أيضاً الى الاستعداد لمعركتم الأخرى أمام الشعب الذى اختاركم بارادته أو بدونها لأن هذا الشعب وان صبر فلقد علمتم الآن أنه لا يصبر طويلاً وأن مجال صبره أوشك على النفاذ وأنه لم يجد اصلاحاً حقيقياً وملموساً فى مجال التعليم والصحة والأمن والاقتصاد يظهر ذلك التأثير بشكل ملحوظ فى كافة نواحى حياته العادية فسيصبح من العسير والعسير جداً أن تقنعوه باختياركم فى المرة القادمة .. عندما يكتشف أنه لا يزال يعانى من نفس شظف العيش وفى المقابل يواجه بمزيد من التشدد والتقييد للحريات - ان حدث - فحتماً لن يصبر طويلاً ...


هذا ان طالت مدة بقاؤكم فى مجلس الشعب الى الحد الذى يمكنكم من فعل كل ذلك فطالما بقينا تحت غطاء الحكم العسكرى فثقوا تمام الثقة أن لا شىء أصبح مؤكداً أو واضحاً ولا يمكن التكهن اطلاقاً بما قد يحدث غداً على الأرض حتى وان سارت خارطة الطريق كما هى متفق عليها الآن فعمر هذا المجلس لن يزيد عن السنة لأن من المنطقى والبديهى أن تعاد هذه الانتخابات وفقاً للدستور الجديد الذى قد يغير من شكل نظام الحكم - دا فى حالة لو اننا ماشيين حسب المنطق اصلاً فى بلد غاب فيها المنطق عن أى شىء


أدعو الجميع فى النهاية ان يتوقفوا عن الجرى واللهاث وراء مناصب زائلة ومصالح زائفة وأن يعوا الدرس جيداً من أن مصلحتنا جميعاً هى مصلحة واحدة واننا يجب أن ننسى تماماً أية مصالح شخصية وأن ندرك من هو عدونا الحقيقى الذى يوجب علينا أن نتحد من اجل مواجهته ..


رسالتى الى شباب هذا البلد أن هذه هى ثورتكم وهذا هو مستقبلكم الذى خرجتم تنادون به وضحيتم بكل شىء من أجله فتوحدوا ودافعوا عنه باستماتة ولا تسمحوا لأى أحد مهما كان أن يسلبكم هذا الحق وهذا الأمل

0 التعليقات:

إرسال تعليق