الجمعة، ٥ أغسطس ٢٠١١

الديمقراطية قبل الأيدلوجية

ستضمن مقالتي نقطتين أساسيتين : 1- ديكتاتورية الديمقراطية -2-تحريم الديمقراطية .

**

سألني صديق لماذا لا تنتقد الأيدلوجية الفلانية و تفند عيوبها و المآخذ عليها .. فلم أرد وقتها لأنني لا أرى طائل من الحديث في الأيدلوجيات الآن و هناك حديثٌ أهم يجب أن تتركز عليه جميع الجهود .

"الديمقراطية"

.. تلك الكلمة و الحالة و الحياة و المجتمع التي قامت الثورة لتحقيقها

فبها تأتي الحرية و العدالة الإجتماعية.

الديمقراطية التي تحتاج إلى تضافر كل الجهود لبنائها ثم لتثبيتها لتكون راسخة لا يمكن الإلتفاف عليها ,

و مع ضيقي الشديد أن هذا الأمر لا يحدث بالطريقة المناسبة في ظل إلتفات كثير من النشطاء و المواطنين و القوى السياسية لمصالحهم الضيقة و أيدلوجياتهم الخاصة .. إلا أنني أعرف أن الجميع يرجو الديمقراطية إلا نوعين من الناس :

1- الخائفون من أن تأتي بالحكم الإسلامي و تُطبق الشريعة و مع تطبيق الشريعة تطبيق الحدود كقطع يد السارق و غيرها من الحدود

2- بعض المنتسبين إلى الدعوة السلفية و التي يرمون الديمقراطية بالكفر

لذا هذا المقال موجه لكليهما .

-1-

ديكتاتورية الديمقراطية

___

تطبيق الديمقراطية بمفهومها الصلد المصمت قد تكون في بعض الأحيان تطبيقا جديدا من تطبيقات الديكتاتورية .. لكنها في هذه المرة ديكتاتورية الأغلبية

فكيف إذا كان هناك قرار يتداخل في حياة الناس اليومية ثم نزلنا به إلى الشارع لعمل إستفتاء عليه فوافق عليه 51% و رفضه 49% فهل باسم الديمقراطية نقهر و نُرغم ال49% من مواطني مصر بإجبارهم على أن يكون هذا القرار مؤثرأ هاما في حياتهم كل يوم ؟

هذا نوع من أنواع الديكتاتورية القمعية الشديدة لكنها تلبس هذه المرة ثوبا جميلا بهياً

لذا كانت الليبرالية ترويضا لديكتاتورية الديمقراطية .. لتجعل مشاركة الجميع في صنع القرار و مراعاة الأقليات

و هذا هو النظام الذي يجب أن نسعى لتطبيقه حتى لا يكون هناك أي قهر قد يحدث على مجموعات كبيرة من المواطنين .

وإذا أسقطنا هذه الفكرة على الفكرة " العو " التي يخاف منها بعض المصريين خصوصا العلمانيين من تطبيق الحدود في مصر من خلال قوانين عقوبات جديد ..

لن يحدث هذا عن طريق إستفتاء شعبي قد تكون نتيجته أغلبية لصالح تطبيقها .. و لكن قد يحدث ذلك إذا حدث يوما ما توافق شعبي عام على تطبيق الحدود

توافق شعبي أي نسبة تتعدي المجموع المُؤهل لكلية الصيدلة في الثانوية العامة !!

:)

.. وقتها سيكون هو قانون العقوبات الذي يرتضيه الشعب فعلا

و دور من يرفض القانون ان يُقنع الناس بعدم جدواه .. و من يُؤيده إقناع الناس بالعكس

لكن هذا كله لن يأتي إلا في ظل ديمقراطية ثابته و راسخة .. وإلا أتى أحدهم فطبقه قهرا

-2-

تحريم الديمقراطية

___

أنت إسلامي تُريد أن تحكم الدولةَ الشريعةُ الإسلامية .. إذا فلتنظر للإختيارات المُتاحة أمامك :

أولها : فرض هذه الدولة الآن بقوة السلاح

و هو خيار مرفوض تماما و هادم للدولة و للفكرة الإسلامية و للشعب و للعرب و للمسلمين.. إلخ

ثاني الإختيارات :

أن تختار صناديق الإنتخاب من يُحاول أن ينشر الفكرة الإسلامية للدولة .. في ظل حريات مُتاحة و أسلوب دعوي سهل و بسيط .. ليحدث في وقت ما توافق شعبي عام على أن المصريين بجملتهم يُريدون تطبيق الشريعة .

و هذه يا صديقي إسمها الديمقراطية !

إن كنت تقول إنها حرام لأنها حُكم الشعب للشعب .. و لكن الصحيح أن الحكم لله

إذ فلتعرف أن حكم الشعب للشعب هو طريقك ليكون الحكم لله إن أحسنت إستغلال الديمقراطية في نشر دعوتك و فكرتك

فليس هناك تضاد بين هذا و ذالك .. لأن الأمر في النهاية يعود إلى قوة فكرتك و حُسن دعوتك

وأذكرك أن الطريق الآخر هو حمل السلاح !

و أنبهك إلى فكرة أخرى .. إن لم تُرسَّخ الديمقراطية قد يأتي رئيس على أكتاف الدين .. ثم عندما يُمسك بتلابيب الحُكم .. إنقلب على الفكرة التي رفعته إلى كرسي الرئاسة .. فبعدما وعد بتطبيق الشريعة أو أتى عليها و هي تُطبق .. نكس وعده .. و هز أركان الديمقراطية الهشة فأوقعها على رؤوسكم و رؤوسنا..وتحول إلى ديكتاتور كسابقه , فلا هو طبّق الحدود ولا أصبح من المتاح إزالته .. خصوصا أنك تعرف حسب أيضا ما تُؤمن به أن الخروج على الحاكم حرام !!

ماذا ستفعل وقتها ؟

سنتشارك اللطم وقتها ... بالتأكيد هذا ما سنفعله

و إن كنت تخاف مما يروجه البعض بإن الديمقراطية ستأتي بالدعر و الفسق و الفجور وهذا الكلام الضخم !

كيف يحدث هذا و الشعب هو الذي يُقر ويسن القوانين و القواعد !

و هوية الدولة إتفق غالبية الناس على الحفاظ عليها دون مس !

أُلخص : لن يكون هناك فرض لشيء باسم الديمقراطية لأن الأمر يحتاج إلى إجماع و تشارك واسع ..ليعيش الناس في حرية حقيقية

و لن يكون هناك طريق لتحقيق الدولة التي يرجوها صاحب أي أيدلوجية إلا بتثبيت الديمقراطية

0 التعليقات:

إرسال تعليق